استراتيجية الأمن القومي الأمريكية: العقد المقبل “حاسم” في المنافسة مع الصين

وصل العالم إلى “مفترق طرق” إذ تسعى الصين إلى إعادة صياغة قواعد النظام العالمي، وسيكون العقد المقبل “حاسماً” للمنافسة بين بكين وواشنطن. هذا ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن في استراتيجية الأمن القومي الجديدة التي أصدرها البيت الأبيض الأربعاء الماضي. وترسم الاستراتيجية التي صيغت في 48 صفحة وتأخرت بسبب الحرب الأوكرانية، الخطوط العريضة لأولويات الأمن القومي لدى بايدن، وتصف الصين بـ “المنافس الوحيد الذي لديه نيه إعادة تشكيل النظام العالمي، ويملك القدرات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتقنية التي تمكنه بشكلٍ مُتزايد من إنجاز ذلك”.

وجاء في التقرير، الذي تناولته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية و”ردايو فري آسيا”، أنه “في هذه المنافسة مع جمهورية الصين الشعبية، من الواضح أن السنوات العشر المقبلة ستكون عقداً حاسماً. نقف الآن عند مفترق طرق ستضعنا فيه القرارات التي سنتخذها وأولوياتنا اليوم على مسار يُحدِّد موقفنا التنافسي في المستقبل البعيد”.

وصدرت هذه الوثيقة قبل أيام من المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني الذي بدأ الأحد والذي سيؤيد التمديد للرئيس شي جين بينغ لفترة رئاسية ثالثة ويعزز برنامج السياسات الهادف إلى التمهيد لـ “الإحياء العظيم للأمة الصينية” بحلول عام 2049.

وأفضت السياسة الخارجية الحازمة بشكلٍ مُتزايد لبكين تحت قيادة شي في وقت سابق من العام الجاري إلى الإعلان عن علاقة “بلا حدود” مع روسيا قبل غزو الأخيرة لأوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير (شباط) الماضي، وكذلك أفضت إلى تعهدات بإعادة صياغة القواعد العالمية للُحكم.

تطابق المصالح بين روسيا والصين

وتشير وثيقة بايدن للأمن القومي إلى أنه في حين أن مصالح روسيا والصين “تتطابق على نحو مُتزايد”، فالتحديات التي يمثلها البلدان للولايات المتحدة واضحة وصريحة، مع التركيز أكثر على بكين على المدى البعيد إذ تُبادر إلى “ترسيخ الحكم المُستبد بسياسة خارجية رجعية”.

وجاء في الوثيقة: “سنُعلي من أولوية الحفاظ على ميزة تنافسية دائمة نرتقي بها على الصين، مع الحرص على تقييد روسيا التي ما برحت تمثل خطراً جسيماً”، والتأكيد على أن بكين لديها طموحات واضحة لأن “تصبح القوة العظمى الأولى عالميّاً”.

وورد في الوثيقة أيضاً أنه: “في الوقت نفسه، تُعدُّ جمهورية الصين الشعبية محورية أيضاً للاقتصاد العالمي، ولها أثر كبير على التحديات المُشتركة، خاصةً فيما يتعلق بالتغير المناخي والصحة العامة العالميّة. ومن الممكن أن تتعايش الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية سلميّاً، وتتشاطرا التقدم البشري وتُسهما فيه معاً”.

تايوان

غير أن وثيقة الاستراتيجية أيضاً تُشدد على دعم الحكومة الأمريكية لفكرة “صين واحدة” ورفضها لأي دعم لاستقلال تايوان.

وجاء فيها: “لدينا مصلحة راسخة في الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وهو أمر بالغ الأهمية للأمن الإقليمي والعالمي”، إذ تتعهد الولايات المتحدة بالدفاع عن تايوان و “نُعارض أي تغيرات من طرف واحد للوضع الراهن من جانب أي من الطرفين، ولا ندعم استقلال تايوان”.

وفي فعالية لإطلاق الاستراتيجية في جامعة جورج تاون الأربعاء الماضي، قال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي لبايدن إن الاستراتيجية ليست بياناً أيديولوجيّاً لعالِمٍ حر في مواجهة المدّ الصاعد للسلطوية والاستبداد.

وأضاف أن الولايات المتحدة تبني “أكبر تحالفٍ ممكن من الأمم لتعزيز مصالحنا الجمعية” دفاعاً عن النظام القائم على قواعد محددة، سواء كانت جميع الأطراف المُشاركة في ذلك التحالف ديموقراطية أم لا، وسواء كانت توافق على السياسات الأمريكية أم لا.

واختتم سوليفان حديثه قائلاً: “حتى لو لم يتفق شركاؤنا وحلفاؤنا معنا على كل شيء، فإن مصالحهم تتماشى مع مصالحنا، وكذلك العديد من البلدان التي لا تتبنى المؤسسات الديمقراطية، لكنها تعتمد رغم ذلك على النظام الدولي القائم على قواعد محددة وتساعد على تعزيزه واستدامته، ولا تريد أن تراه يتلاشى من الوجود”.

Comments are closed.