عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، الإثنين، في شطري الوطن مؤتمره السنوي للعام 2022 تحتَ عنوان “النزاهة السياسية: إخضاع السياسات العامة لخدمة الصالح العام”، والذي سلط الضوء على واقع إقرار وتنفيذ السياسات العامة، والتي من المفترض أن يكون هدفها الأساسي هو خدمة الصالح العام ومدى انعكاس حالة نزاهة الحكم عليها، وذلك بهدف الضغط لتشكيل رأي عام مؤثر من المؤسسات المدنية وإعلاء صوت المواطنين في كل من غزة والضفة لإنهاء الانقسام وتعزيز النزاهة السياسية ومكافحة الفساد السياسي، وتقديم الرؤى اللازمة للحد من انتشاره.
واستهل المؤتمر بكلمة من عبد القادر الحسيني، رئيس مجلس إدارة ائتلاف أمان، والذي شدد على أهمية بذل المزيد من الجهود لتحصين البيت الداخلي الفلسطيني، ابتداء من المؤسسات الوطنية ضد الفساد بمختلف أشكاله مما يعزز ثقة المواطنين بالسلطة الحاكمة ويساهم في إعادة تكريس الوحدة الوطنية وتعزيز قيم النزاهة وسيادة القانون الأساسي الناظم لتأسيس دولة ديمقراطية تستند على الفصل بين السلطات واحترام سيادة القانون والحقوق والحريات العامة وفي مقدمتها حقوق الإنسان.
اختطاف مؤسسات الدولة لصالح متنفذين في السلطات الحاكمة في كل من الضفة وغزة
وقد سرد الحسيني التحول في شكل الحكم القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء، والمتجه نحو إضعاف النزاهة السياسية، بعدما غاب مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، وسيطرت السلطة التنفيذية على مراكز الحكم المختلفة، كما غاب النهج التشاركي، ما عزز من هيمنة السلطة الحاكمة من خلال تفردها في إقرار تشريعات وقوانين وأنظمة تطبخ بسرية، وتهدف الى تعزيز وجودها وهيمنتها، بدلا من أن تضمن العدالة الاجتماعية وتخدم المصلحة العامة، وذلك في ظل غياب منظومة المساءلة الرسمية وهي المجلس التشريعي، الأمر الـذي أبقـى السـلطة التنفيذيـة دون رقابـة ومسـاءلة حقيقيـة فـي مجـالات الإدارة العامـة وإدارة المـال العـام.
الحسيني وفي اشارة الى َالاختطاف والسيطرة الحاصلين على مؤسسات الدولة في الضفة والقطاع، أكد على أن قرار إلغاء الانتخابات العامة للمجلس التشريعي والرئاسة وعدم احترام أحكام القانون الأساسي، وظهور عددٍ من التشريعات التي صدرت، وخلط الأدوار بين آليات عمل السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، عزز من سلطة الأفراد بدلا عن سلطات الدولة المنتخبة. وأشار الحسيني الى أن صدور القرارات أثر على التعيينات في الوظائف العليا وأتاح المجال لبعض المتنفذين لاستغلال الواقع لمصالحهم تحت غطاء الموالاة ودعم الشرعية، كما أثر على مجالات الحياة الديمقراطية والحريات العامة، ما أقصى المعارضين أو المختلفين بالرأي مع السلطة الحاكمة في الضفة والقطاع.
خطط الإصلاح الحكومي المتكررة تفتقر للإرادة السياسية الجدية من أجل تطبيقها
في الجلسة الأولى، قدم جهاد حرب، الباحث الرئيسي في ائتلاف أمان ورقة بعنوان: “الى أي مدى ضعف وهشاشة نظام الحكم تعيق سياسات الإصلاح الحكومي”، والتي هدفت الى مراجعة وتقييم الجوانب ذات العلاقة بعدم تنفيذ خطط الإصلاح الحكومي على مدى 22 عاماً على أهميتها، وعدم استيفاء شرط وجود الإرادة السياسية في استراتيجية الإصلاح، وذلك بوجود مصالح خاصة لبعض مراكز النفوذ في الحكم ليس لها مصلحة أصلا في التغيير المطلوب، إضافة الى افتقارها للتشاركية مع باقي قطاعات المجتمع في تحديد أولويات الاصلاح ولسقف زمني للتنفيذ، وعدم شرح الاجراءات والغايات من الاصلاح للمواطنين.
بعض خطط الإصلاح.. تقدم للدول المانحة بمعزل عن مناقشتها مع المواطنين أو المجتمع المدني
استعرض حرب ورقته، معرجا أن بعض الخطط المتعلقة بالإصلاح وعلى أهميتها ومضمونها فقد قدمت للدول المانحة دون نشرها لاطلاع المواطنين الفلسطينيين؛ مثل تقديم أجندة الإصلاح الحكومي في العام 2022 في مؤتمر الدول المانحة في بروكسل في شهر أيار 2022. فعلى الرغم من أن الإصلاح مطلب واحتياج شعبي فلسطيني إلا أنَّ بعض عمليات الإصلاح ارتبطت بشكل واضح بضغوط دولية وخاصة بضغوط من الدول المانحة؛ لتجاوز الأزمات الحكومية أو بسبب تذمرات داخلية خاصة والذي سبق قرار الرئيس بتشكيل اللجنة الوطنية للإصلاح عام 2021.
وأشار حرب أنه ما زالت السلطة التنفيذية “الرئاسة والحكومة” تأخذ على عاتقها إصدار قرارات وخطط الاصلاح في المجالات المختلفة دون إشراك ممثلي المواطنين أو منظمات المجتمع المدني، ودون نقاش مجتمعي يساعد على تحديد الأولويات الوطنية لعملية الإصلاح، أو المساهمة في رسم السياسات الوطنية القطاعية منها وعبر القطاعية، ما يعكس عدم وجود إرادة حقيقية للالتزام بتنفيذها حيث المساءلة المجتمعية ستشكل حالة ضاغطة على الحكومة وكبار المسؤولين فيها خاصة في حال غياب وجود مجلس تشريعي مُسائِل.
إرادة سياسية جادة تعني انتخابات عامة حرة ونزيهة
وأسهب حرب في التوصيات التي يطرحها ائتلاف أمان إزاء عملية الإصلاح، والتي تتطلب إرادة سياسية جادة، تكمن في الأساس بوجود مجلس تشريعي منتخب، يعتمد خطط الإصلاح الحكومي ويسائل عليها ويراقب أداء الحكومة في تنفيذها. كما أوصى ائتلاف أمان بأن تتكون لجنة وطنية الإشراف على عملية الإصلاح من شخصيات عامة تحظى بثقة واحترام المواطنين الفلسطينيين، وتتمتع بالنزاهة والحيادية والاستقلالية والخبرة، وأن تبنى خطط الإصلاح على نحو قابل للتطبيق، ويعالج الاختلالات البنيوية وفقا للاحتياج الوطني الفلسطيني دون الربط مع اية ضغوط خارجية، الأمر الذي يتطلب متابعة تنفيذ أجندة الإصلاح المالي والالتزام بشفافية إدارة الموازنة العامة وذلك من خلال الالتزام بإعلان وثائق الموازنة المختلفة ونشر المعلومات المتعلقة بالوقت المناسب، وتفعيل المشاركة المجتمعية في عملية تحديد الأولويات، والانفتاح على المواطنين من خلال إعمال حق المواطنين في الاطلاع على المعلومات العامة ونشر الخطط والتدابير والإجراءات والقرارات المتعلقة بتنفيذ الحكومة لخطة الإصلاح.
فيما استعرض الدكتور عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة أمان لشؤون مكافحة الفساد، ورقة حول سياسات طرفي الانقسام الخاصة بإدارة قطاع غزة وأثرها على نزاهة الحكم والفساد السياسي، حيث تساءل إذا ما عززت نزاهة الحكم أم شرّعت الفساد السياسي وعمقّت من الانقسام؟
سياسات طرفي الانقسام تجاه غزة اتخذت وفق مصالح حزبية على حساب المصلحة العامة
وعدد الشعيبي سياسات السلطة القائمة في القطاع (حركة حماس) ورؤيتها لإدارة قطاع غزة، من خلال سياسة وآلية الوصول للسلطة، إن كان من خلال سياسة الحسم العسكري (القوة) كما حدث عام 2007 للاستيلاء على مراكز الحكم في قطاع غزة، بعد الصراع على السلطة الذي احتدم إزاء نتائج انتخابات 2006، والسيطرة على المواقع القيادية للمؤسسات المدنية بتعيين أشخاص مواليين للحركة وإنشاء مؤسسات أمنية جديدة، اضافة الى منع اجراء الانتخابات المحلية وفرض رسوم وضرائب على المواطنين لتمكين الحركة من السيطرة.
كما استعرضت الورقة سياسة السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة تجاه قطاع غزة، والتي لم تبلور سياسة وطنية خاصة لإدارة القطاع عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي منها، كما تبنت الحكومة في الضفة سياسة عامة لمحاصرة السلطة القائمة في غزة والتحريض عليها ووضع العراقيل أمامها مثل دعم إضراب ومعاقبة المتعاونين مع سلطة حماس، وعدم تبني سياسة إدارية شاملة وموحدة لإدارة جميع القطاعات، كما تم تبني سياسة مالية عقابية غير معلنة، ولكنها ممارسة جوهرها التعامل مع القطاع باعتباره إقليم متمرد.
أدت هذه السياسات سواء في الضفة وقطاع غزة إلى تراجع نزاهة الحكم وعزز الانقسام. كما أن شعار لا دولة بدون القطاع ولا دولة في القطاع أدى إلى شبه دولة هزيلة مشوهة وضعيفة في قطاع غزة وسلطة ضعيفة هشة في الضفة، مع إلغاء لنظام الفصل بين السلطات حيث تمارس سلطة مركزية الحكم دون سلطة تشريعية منتخبة ودون رقابة قضائية مستقلة، وتعد سياسات وفقاً لمصالح حزبية على حساب المصلحة العامة، ما أتاح المجال للتعصب والاستفادة الشخصية والمصالح الخاصة للمقربين والموالين من مراكز النفوذ على حساب المصلحة العامة دون محاسبة.
عقب د. غازي حمد، عضو مكتب سياسي في حركة حماس أنه لم يكن لدى الحركة توجها للانقلاب على السلطة، مدعما قوله أن الحركة قد وافقت في أكثر من عام على المصالحة، وتسليم السلطة المعابر والوزارات، وقد دعا حمد مؤسسات المجتمع المدني في القطاع الى التدقيق في اجراءات الحكومة ووزارة الداخلية ومراكز التوقيف كافة. وعن سؤاله حول عدم موافقة حماس على إجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة، أشار حمد أنه لا يوجد لدى الحركة اعتراض مبدأي، فقد سرى التوجه الديمقراطي وأجريت الانتخابات في النقابات والاتحادات ومجالس الطلبة في القطاع، لكن تعذرت الانتخابات المحلية “للوضع الاستثنائي في قطاع غزة”.
السلامة الأمنية إمعانٌ في مخالفة القانون الأساسي والقيم الديمقراطية
تمركزت الجلسة الثانية في كل من رام الله وغزة حول ممارسة سياسات تضعف نزاهة الحكم وتتيح فرصا للفساد السياسي، حيث تطرقت الجلسة في رام الله لقضيتي شرط الحصول على السلامة الأمنية ولجان التحقيق الرسمية. أدارت الجلسة هامة زيدان، مديرة العمليات في ائتلاف أمان، والتي أشارت أنه بالرغم من خلو التشريعات الفلسطينية من أي تعريف مباشر لمصطلح السلامة الأمنية، الا أن شرط السلامة الأمنية يتسع ليشمل تقلد بعض الوظائف العامة، والتي أصبحت جلية بعد الانقسام، وكذلك الحصول على بعض الأذونات والرخص أو تجديدها، وتشكيل الجمعيات الخيرية، والحصول على المنح الدراسية، واستصدار رخص الحرف والمهن وغيرها، وأصبحت ظاهرة مستشرية وصلت حد التعيين في الجهاز القضائي.
أمان: إلغاء شرط السلامة الأمنية قياساً على ما جاء في أحكام محكمة العدل العليا الصادرة في العام 2012 والاستعاضة عنه بشهادة عدم المحكومية الصادرة عن وزارة العدل
وشددت زيدان أن الاستمرار بفرض شرط الحصول على السلامة الأمنية إمعانٌ في مخالفة القانون الأساسي والقيم الديمقراطية، وأحد الممارسات التي تندرج تحت مفهوم حالة الفساد السياسي من حيث استغلال سلطة الحكم للحصول على مصالح سياسية وليس لاغراض تتعلق بالمنفعة العامة، مستشهدة بقرار محكمة العدل العليا الصادر في العام 2012، والذي نص على إلغاء شرط السلامة الأمنية لتقلد الوظيفة العامة، بصفته يتعارض مع المبادئ التي أقرها القانون الأساسي.
وقد تم تدعيم هذه الجلسة بتقرير صحفي اعده الصحفي محمد الاطرش يحوي مجموعة من الشهادات لأشخاص اشترط عليهم جلب ورقة السلامة الأمنية، حيث أشار الأطرش في تقريره الى محاولات شرعنة ما يسمى “بشرط السلامة الأمنية”، ذاكرا مسودة نظام ترخيص المؤسسات الإعلامية الأخير لسنة 2022، إذ وردت فيه عبارة “عدم الممانعة الصادرة عن وزارة الداخلية” أي “السلامة الأمنية” 14 مرة.
وعرّج الأطرش في تقريره على التضييق على المؤسسات الإعلامية والرقابة على المحتوى الذي يقدمونه، لكي يكون متوازيا ومتوائما مع الخط الرسمي، ما يشكل انتهاكاً صارخا لحرية التعبير، وعملية ممنهجة لإسكات كل الأصوات الحرة، كما وضح التقرير -المدعّم بالإفادات والشهادات من مختلف الأطراف- أن شرط السلامة الأمنية (عدم الممانعة) ينتهك العديد من الأحكام الدستورية المنصوص عليها في القانون الأساسي الفلسطيني المعدل 2003 من أبرزها، الحق في المساواة، ومبدأ براءة الذمة، والحق في تقلد الوظائف والمناصب العامة والحق في التجمع وحرية المشاركة السياسية، والحق في حرية ممارسة النشاط الاقتصادي. كما لم يرد في قانوني المخابرات العامة لسنة 2005 والأمن الوقائي لسنة 2007أن من ضمن مهام الجهازين الموافقة على تعيين الموظفين لشغل الوظائف العامة أو للحصول على تراخيص وأذونات.
وحمّل ائتلاف أمان الحكومة مسؤولية عدم إلغاء شرط الحصول على السلامة الأمنية، موصيا بضرورة إلغائها قياساً على ما جاء في أحكام محكمة العدل العليا الصادرة في العام 2012 والاستعاضة عنه بشهادة عدم المحكومية الصادرة عن وزارة العدل.
تعقيبات مختلفة
عقب أمجد الشلة عضو نقابة المحاميين الفلسطينيين، أنه لا يوجد معايير معلنة وواضحة تحدد الشروط والمعايير المطلوب توافرها فيمن يتقدم للحصول على هذه الشهادة، وهو الأمر الذي فتح المجال واسعا لاستخدام الانتماء والرأي السياسي كمعيار وشرط للحصول على هذه الشهادة أو رفضها، وأسهم في تفشي بعض مظاهر الواسطة والمحسوبية للحصول على هذه الشهادة، وأتاح المجال لاستغلال النفوذ الوظيفي في منح هذه الشهادات، ويمثل تعدياً على الاختصاص القانوني لوزارة العدل وتدخلا من الأمن في مجريات الحياة العامة.
فيما أشار المحامي إياد متخ، المستشار القانوني لوزارة الداخلية، أن حسن السيرة والسلوك، مبني على سلوك المواطن وتصرفاته وليس على انتمائه السياسي، هو اجراء متبع في معظم دول العالم، وأمر سارٍ على المنح الدراسية، والجمعيات الخيرية.
لجان التحقيق الرسمية.. تستخدم أداة للتهرب من المساءلة الجزائية ولامتصاص غضب الشارع
وتطرق المؤتمر في جلسته الثانية أيضا الى قضية لجان التحقيق الرسمية ومنظومة عدم الإفلات من العقاب، حيث عرض تقرير صحفي من إعداد الصحفية أنصار طميزة وإنتاج وكالة وطن للأنباء، والتي تساءلت في تقريرها حول تشكيل لجان التحقيق، وإذا ما كانت تحقق أهداف إنشائها أم لا، مستشهدة بتجربة عدة لجان كلجنة التحقيق في مقتل المعارض السياسي نزار بنات كحدث أمني شكل قضية رأي عام، إضافة الى صفقة تبادل لقاحات فايزر الخاصة بفايروس كورونا مع الجانب الاسرائيلي وغيرها.
أفضى التقرير أن غالبية اللجان المشكلة لم تحقق مبدأ المهنية والحيادية والنزاهة في عملها، إذ لا يوجد قانون فلسطيني ناظم لعمل لجان التحقيق، ما يعني غياب المأسسة والحوكمة في عمل لجان التحقيق الرسمية. إضافة لذلك، تبين أن لجان التحقيق قد تستخدم كأداة للتهرب من المساءلة الجزائية، ولتنفيس الرأي العام الملتهب تجاه قضية ما، كما لم تلتزم العديد من الجهات الرسمية بتوصيات اللجان المشكلة.
ضرورة وجود إطار تشريعي ضامن لتشكيل لجان التحقيق يُلزم الجهات المختصة بتطبيق توصياتها
وعليه، أوصى أمان بضرورة حوكمة عمل لجان التحقيق ومأسستها، بما يضمن النزاهة في تشكيلها، وعدم تضارب المصالح في عضويتها لعدم تمكين المسؤولين من الإفلات من العقاب، مع ضرور النشر والالتزام بمعايير الشفافية مع المواطنين، وتبني سياسة عامة تستند الى إطار قانوني فلسطيني ناظم لتشكيل لجان التحقيق وعملها وصلاحياتها ويُلزم الجهات المختصة بتطبيق توصياتها، لتدارك فقدان الثقة في الشارع الفلسطيني بلجان التحقيق، واستخلاص العبر من نتائجها.
تفرد جهة الحكم في قطاع غزة من خلال تعيين رؤساء البلديات والمجالس المحلية أدى الى إضعاف استقلاليتها وخضوعها للتوجهات الحزبية
وفيما يخص الأوراق التي عرضت في قطاع غزة، فقد استعرض الباحث سامي غنيم ورقة بعنوان: ” أثر التعيين لأعضاء ورؤساء المجالس المحلية على النزاهة السياسية”، والتي سلطت الضوء على تفرد جهة الحكم في قطاع غزة في تحديد واختيار الأسماء المرشحة للتعيين ومن ثم التي يتم تكليفها، ما أدى الى إضعاف استقلالية المجالس ومدى تمثيلها للمواطنين وخضوعها للتوجهات الحزبية والممارسات العملية للحكم المحلي، إذ أن الحالة التي نشأت في واقع تشكيل الهيئات المحلية والتي لم تشارك فيها ألوان سياسية أخرى أدى إلى التفرد التام في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمجالس المحلية من إقالة وتعيين وتعديل واتخاذ قرارات قد تكون في كثير من الاحيان محل تشكيك من الآخرين.
أوصت الورقة بإنهاء الانقسام السياسي وإنهاء تداعياته وسلبياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعمل على إيجاد بيئة محصنة ضد الفساد وضرورة إجراء الانتخابات العامة “التشريعية والرئاسية” على حد سواء، لإتاحة المجال لمشاركة واسعة للمواطنين فيها ولاستعادة التوازن في النظام السياسي بإعمال مبدأ فصل السلطات، إضافة الى إخراج الانتخابات المحلية من مربع الارتباط بالانتخابات العامة لكي تكون الانتخابات المحلية بادرة أمل وليس جزءا من المشكلة.
فجوة تشريعية بين الضفة الغربية وقطاع غزة لمصلحة القائمين على الحكم دون اعتبار للمصلحة العامة
وقد قدمت هداية شمعون، منسقة وحدة الرصد والدراسات في ائتلاف أمان، ورقة بعنوان: “السياسة التشريعية في قطاع غزة ومدى اخضاعها للمصلحة العامة”، منوهة للفجوة التشريعية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث أن عملية إصدار القرارات بقوانين في الضفة الغربية وانطباقها على الضفة الغربية فقط في مقابل إصدار قوانين في قطاع غزة تنطبق على القطاع فقط عزز من حالة الانقسام التشريعي وفي المنظومة القضائية والقانونية وانعكاساته على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يؤكد على أن إصدار التشريعات هي لمصلحة نظام الحكم دون اعتبار للمصلحة العامة.
أوصت الورقة وقف أي تشريعات جديدة في قطاع غزة أو الضفة الغربية من شأنها تعزيز حالة الانقسام، والعمل على توحيد المؤسسات في إطار مؤسسي واحد يهيئ المناخ لتقليص الفجوة التشريعية بين شطري الوطن الفلسطيني، وذلك من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية تأخذ على عاتقها انهاء الانقسام في الضفة والقطاع وتوحيد مؤسسات الدولة، كذلك تعزيز التشاركية في صنع القرار من خلال تبني مبدأ الانفتاح على المواطنين من قبل المسؤولين وإعمال مبادئ الشفافية وحق المواطنين في الاطلاع على المعلومات العامة والمشاركة في اتخاذ القرارات في إدارة الشأن العام، فتح حوار وطني جدي مع مؤسسات المجتمع المدني في الحاجات الضرورية والملحة بالتركيز على فحص السياسات العامة بإخضاعها للمصلحة العامة.
وضح جفال جفال، المدير العام لديوان الرقابة المالية والإدارية بأن مفهوم السلامة الأمنية قد برز بعد الانقسام، مشيرا أنه لا أساس دستوري بشأن مفهوم السلامة الأمنية، لكن هناك بعض المحاذير السياسية والأمنية المرتبطة ببعض القضايا مثل تسريب الأراضي تفرض اجراء فحص السلامة الامنية.
وفي تعقيبه حول لجان التحقيق، أفاد جفال بأن بعض توصيات لجان التحقيق أحيلت للقضاء، وهي ليست محل نقاش ريثما يصدر فيها حكما نهائيا، فيما أصدر ديوان الرقابة المالية والإدارية توصياته بشأن صفقة تبادل لقاح فايزر ونشرها للمواطنين.
أما أمجد الشلة عضو نقابة المحامين، فقد أوضح أن لجان التحقيق لا يوجد لها أساس قانوني، وأن المجلس التشريعي هو الوحيد القادر على المتابعة الجدية لتوصيات وعمل وتحديد صلاحيات ودور لجان تحقيق في قضايا لها علاقة بالرأي العام، مشيرا أن أحد أبرز أهداف تشكيل لجان التحقيق هو امتصاص حالة غضب شعبية.
إجراء الانتخابات العامة “التشريعية والرئاسية” فورا والتوقف عن الارتهان الى قرار الاحتلال
واختتم المؤتمر عصام حج حسين، المدير التنفيذي لائتلاف أمان، مجملا في بيانه التوصيات التي يدعو لها أمان، مبتدئا بالدعوة الى التوقف عن الارتهان الى قرار الاحتلال لإجراء الانتخابات العامة “التشريعية والرئاسية”، وأخذ زمام المبادرة في اتخاذ قرارات ووضع خطة عمل وطنية تشاركية لاجرائها بما يشمل القدس وذلك لاستعادة التوازن في النظام السياسي بإعمال مبدأ فصل السلطات وفقا لأحكام القانون الأساسي الفلسطيني من جهة، وإعادة سلطة التشريع لممثلي المواطنين على أن يكون ذلك بالتوازي مع وقف اصدار قرارات بقوانين والغاء القرارات التي تصب في مصالح خاصة على حساب المصلحة العامة.
إضافة الى ترجمة صدق الارادة السياسية في إنهاء الانقسام، داعيا الى التوقف التام والفوري لأي اجراءات أو سياسات أو تشريعات تساهم في تعقيد عملية انهاء الانقسام من قبل طرفي السلطة في الضفة والقطاع وتشكيل حكومة وحدة وطنية تخضع قراراتها وسياساتها للصالح العام وليس للمصالح الحزبية على أن يتم توفير الموارد اللازمة للقيام بعملها لفرض سيادة القانون، وتأخذ على عاتقها توحيد مؤسسات الدولة مبتدئة بتلك التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، وإعداد وتنفيذ خطة لتوحيد السلطة القضائية وتعزيز استقلاليتها وحياديتها، وأن تعبر أجندات وسياسات واستراتيجيات الاصلاح للاحتياج الوطني الفعلي، من خلال تشكيل لجنة اصلاح وطنية وذلك بالشراكة مع ممثلي قطاعات المجتمع الفلسطيني.
Comments are closed.