اسرائيل : عودة سوريّة للحضن العربيّ مقدّمة لربيعٍ عربيٍّ جديدٍ بقيادة السعوديّة

هل الوطن العربيّ باتجاه شرق أوسطٍ جديدٍ يكون فيه تأثير الولايات المُتحدّة قليلاً مُقارنةً بما جرى حتى اليوم؟ وهل إعادة سوريّة إلى ما يُسّمى بالحضن العربيّ هو مقدّمة لهذا التحوّل الإستراتيجيّ؟ مهما كانت الأجوبة على الأسئلة، فإنّ ما يجري هذه الأيّام من المُحيط إلى الخليج يؤرِّق صُنّاع القرار في دولة الاحتلال ويقُضّ مضاجعهم، لأنّ من شأن هذا التطوّر أنْ يؤثّر حتى على اتفاقيات التطبيع المُوقعّة مع عددٍ من الدول العربيّة، وبالإضافة لذلك سدّ الطريق أمام إسرائيل في محاولاتها لفتح ثغراتٍ جديدة لضمّ دولٍ عربيّةٍ وإسلاميّةٍ إلى قطار التطبيع، ناهيك عن مواصلة إيران في تسجيل نجاحاتٍ دبلوماسيّةٍ تُعزِّز تأثيرها في الشرق الأوسط.

 المُستشرقة الإسرائيليّة، سمدار بيري، رأت في تحليلٍ نشرته بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة أنّ “دول العالم ستتابع باهتمام كل التفاصيل؛ الصغيرة والكبيرة، وستبحث عن معان خفية في محاولة لانتزاع معلومات عن اللقاء المغلق الذي سيعقد الشهر القادم في السعودية، ويجمع بين الأسد والملك سلمان بن عبد العزيز ونجله، ولي العهد محمد بن سلمان؛ الحاكم الحقيقي”، على حدّ تعبيرها.

وأشارت المُستشرقة، المُقربّة من دوائر صُنع القرار في تل أبيب، إلى أنّ عودة علاقات سوريّة مع السعودية “هي النقطة التي تلعب دورًا أساسيًا، وللإيرانيين توجد مصلحة دائمة في سوريّة، ترتبط بمعظمها بإسرائيل، كما أنّ العلاقات مع إيران هي موضوع استراتيجي لدول عديدة في المنطقة، وفي الآونة الأخيرة وقعت (المصالحة الكبرى) بين الرياض وطهران، علمًا بأنّ الدعم السعودي لسوريّة سيعزز هذه العلاقة، وزيارة الأسد ستغير ميزان القوى في الشرق الأوسط؛ فالطريق إلى الشرعية لم يعد يمر عبر القاهرة، بل عبر الرياض، والسعودية تموضع نفسها كقوة رائدة في المنطقة؛ المال يتحدث في النهاية“، طبقًا لأقوالها.

 

علاوة على ذلك، أوضحت المستشرقة أنّ “مصر تحاول أنْ تبقى ذات صلة، وسبق أنْ أعلنت بأنها ستأخذ على عاتقها حملة إعادة بناء سوريّة بعد سلسلة هزات أرضية، والإمارات ستمول معظم المشروع، وكلّ هذا يحصل بينما يحرص الأسد على أنْ يلعب دور من لا ينثني أوْ مستعد للتنازلات، وفي هذه الأثناء تسير له الأمور بشكل لا بأس به”، منوهة إلى إمكانية “تليين” قطر بشأن موقفها من عودة سوريّة لجامعة الدول العربية.

كما رأت المُستشرقة أنّه “مهم لإسرائيل أنْ تفهم أنّ شرق أوسط جديدًا يبنى أمام ناظرينا، وفي حال حصلت كلّ التوافقات وصمدت، من شأننا أنْ نرى شرق أوسط بنجومية السعودية، التي بدأت بالاقتراب من إيران، مع مسارات التفافية على الولايات المتحدة“، على ما قالته.

ولفتت إلى أنّ “السؤال الأكبر، كيف سيؤثر كلّ هذا على علاقات إسرائيل والدول العربية؟ حاليًا لا يوجد تردٍ في منظومات العلاقات مع الدول المجاورة، حيث لا يمكن تجاهل الدعوات لإبادة إسرائيل والتي تخرج الآن من طهران“.

واختتمت قائلةً: “السؤال الكبير؛ كم سترغب السعودية في الاستثمار في هذه العلاقة على حساب إسرائيل؟ الأمر الوحيد الذي يمكن لإسرائيل أنْ تفعله كي توقف تحسين العلاقات تجاه أعدائها، أنْ تبادر لخطوة هامة مع الفلسطينيين، واحتمال أنْ يحصل هذا مع الحكومة الحالية هو صفر”، كما قالت.

إلى ذلك، قال أساف أوريون، وهو باحث كبير في (مركز أبحاث الأمن القومي)، التابع لجامعة تل أبيب، قال لصحيفة (إسرائيل اليوم) إنّه “في نظرة تاريخية واسعة، تعد هذه مرحلة جديدة توقف فيها الدولاب منذ الربيع العربي”، مضيفًا: “نرى اليوم نوعًا من إعادة التنظيم، المصمم الأساس لها هو أنّ الولايات المتحدة تركز على أجزاء أخرى من العالم“.

وطبقًا لأقواله فإنّ “المفهوم في الشرق الأوسط، أنّ تراجع الاهتمام الأمريكي، يدفع الدول إلى أنْ تخفض خطر إيران عليها، من خلال سلسلة العلاقات والتهدئة، ومثال على ذلك؛ استئناف العلاقات الإيرانية – السعودية، إضافة إلى تنويع المساند من القوى العظمى، مثلما تعمل بضع قوى في المنطقة“.

ونوّه إلى أنّ “الصين لا تعرض ضمانات أمنية مثل واشنطن، فهي تعمل بأداتها المفضلة – الاقتصاد – ومن خلالها تحقق أهدافا سياسية”، مُشدّدًا في القوت عينه على أنّ “الولايات المتحدة لا تهجر المنطقة؛ الحقيقة أنّ السعودية تقيم علاقات مع الصين، وفي نفس الوقت تطلب ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، وتشتري طائرات من شركة (بوينغ) الأمريكية بعشرات المليارات، نحن نرى في المنطقة نوعًا من تنوع المساند، تكاثر العلاقات، الموردين والحوارات، لكن ليس تحيّزًا لطرف ما“، طبقًا لأقواله.

Comments are closed.