هآرتس – بقلم: نير حسون “قررت المحكمة المركزية في القدس، الخميس الماضي، بأن أفراداً من الشرطة حثوا فلسطينية من شرقي القدس على القول بأنها حاولت تنفيذ عملية دهس على حاجز بالشيخ جراح في الأسبوع الماضي. القاضية تمار بار آشر، وجهت انتقاداً لاذعاً لسلوك الشرطة في هذا الملف، وأطلقت سراح المشتبه فيها ووضعتها رهن الإقامة الجبرية. “من خلال الانطباع الذي تولد لدي من طريقة أخذ شهادة المشتكية، وكما يمكن أن يفهم من اللقاء بين المشتكية والشرطي الأول الذي عُرضت عليّ صورة لقائه مع المشتكية وتم توثيقه عبر كاميرا، يتبين أن هناك محاولة شديدة لإجبار المشتكية على القول بأن الحدث لم يكن عرضياً، بل عن فتاة حاولت دهس شرطية”، كتبت القاضية بار آشر. لم تطلب الشرطة الاستئناف على إطلاق سراحها.
ولاء معوض (36 سنة)، من سكان القدس وأم لأربعة أولاد، اعتقلت الثلاثاء الماضي على حاجز وضعته الشرطة في الشيخ جراح شرقي القدس بسبب مسيرة الأعلام. وجرت قبل نحو شهر على حاجز مجاور عملية دهس أصيب فيها سبعة رجال شرطة. وقد جاءت إلى الحاجز وهي تقود السيارة بسرعة كبيرة جداً، وكادت تصيب شرطية تقف هناك، واعتقد ورجال الشرطة في الحاجز أنها تحاول تنفيذ عملية دهس.
“في اليوم نفسه، تسلمت شهادة ابني من المدرسة وأردت الوصول إلى البريد”، قالت معوض للصحيفة. “ضللت الطريق ووصلت إلى الحاجز. دهشت وضغطت على الفرامل. جاء رجال الشرطة ركضاً وسألوني: ماذا حدث لك؟ قلت بأنني قد تشوشت وضغطت على الفرامل. قالوا لي إن علي إطفاء السيارة وسألوني إذا كانت معي سكين وهل جئت لتنفيذ عملية. أحد أفراد الشرطة شاهد الشهادة التي عليها صورة ابني وقال لي: هذا ولد لطيف. أليس حراماً أن تجيئي لتنفيذ عملية؟ قالوا لي بأنني معتقلة وبدأت أبكي”.
كبلوها واقتيدت إلى مركز الشرطة، وهناك بدأ محققو الشاباك والشرطة في التحقيق معها. “سألوني إلى أي تنظيم أنتمي. لماذا أستمع للقرآن في المذياع. لماذا أضع خارطة فلسطين على حسابي في “فيسبوك”. وعندما طلبت الأكل قالوا إن الثلاجة مقفلة ولا يعثرون على المفتاح”، قالت.
أثناء النقاش، طلبت قاضية المحكمة، بار آشر، رؤية التوثيق في كاميرات رجال الشرطة. ولكن قيل لها بأن الكاميرات لم تعمل أثناء الاعتقال وتم تشغيلها بعد ذلك. طلبت القاضية رؤية الأفلام، وقامت بتأجيل نقاشات أخرى إلى حين أحضر رجال الشرطة للقاضية فيلماً تم تصويره بـ”كاميرا جسم” لأحد رجال الشرطة، بعد دقائق على الاعتقال.
في القرار، كتبت القاضية أنها فحصت الفيلم جيداً. “لقد شاهدت الفيلم أنا والمترجمة في المحكمة حوالي عشر مرات (وربما أكثر). وفحصت سير الأمور جيداً، بما في ذلك لغة جسد المشتكية”. وحسب أقوال القاضية، “يتبين من الفيلم أن المشتكية تقول “بلغة عامية” إنها جاءت بسرعة، وفجأة كانت هناك شرطية، هي تقريباً أوشكت على إصابتها. سألها القاضي، ألم تتمكن من المس بالشرطية؟ أجابت نعم”.
في أقوالها، أشارت بار آشر، إلى أنها تصدق معوض، وأنها كانت تقصد في أقوالها بأنها كادت تؤذي الشرطية، ولم تكن لها نية المس بها. “كما تم التوضيح لي، معنى أقوال المشتكية التي يمكن أن تكون مفهومة لكل متحدث بالعربية، هو أنها تشرح بأنها كانت تسافر بسرعة، وفجأة لاحظت شرطية كانت تقف قرب الحاجز وكادت تمس بها بسبب سفرها بسرعة، ولكنها لم تمس بها”، كتبت القاضية في قرارها.
وأشارت القاضية أيضاً إلى أن معوض كانت في الطريق إلى احتفال انتهاء الدراسة لابنها في المدرسة، وقد ضلت الطريق بسبب الحواجز التي وضعت حول مسيرة الأعلام. وأشارت أيضاً إلى أن والد معوض كان شرطياً في إسرائيل.
في ختام أقوالها، كتبت القاضية بأن الانطباع الواضح هو أن معوض “وجدت نفسها بدون قصد أمام حاجز لرجال شرطة كانوا منتشرين في الشيخ جراح. وأضافت بأنها كانت تسافر بسرعة كبيرة يمكن رؤيتها كمحاولة لدهس الشرطية. ولكنها كتبت: “بعد فحص الأدلة التي فصلتها في السابق، لا أعتقد أن الأدلة تدل على الشكوك التي تدعيها الشرطة. وأنه للأسف الشديد، جرت محاولة لجعل المشتكية تعترف بها. بل الواقع مختلف تماماً كما أوضحت في السابق. وقد أمرت القاضية بإطلاق سراح معوض ووضعها في الإقامة الجبرية في البيت. في هذا الصباح تم استدعاؤها للتحقيق في مركز الشرطة في “نفيه يعقوب” وأطلق سراحها بعد ذلك.
المحامي محمود قال: “هذه محاولة من الشرطة لإلصاق محاولة دهس بها. في الالتماس، تبين أنها خضعت لتحقيقين. تم وقف التحقيق الثاني، وكان هناك استجواب حاولوا فيه إدخال كلام إلى فمها وكأنها جاءت لتنفيذ عملية. وعندما صممت المحكمة على رؤية أفلام الكاميرات، تبين أن الأمور ليست كذلك، وتم اتخاذ قرار بإطلاق سراحها. هذه الحادثة تمثل الكثير من الحالات لفتيات لم يردن تنفيذ عمليات، بل إن الشرطة قدمت تقارير وألصقت بهن مخالفات شديدة”، قال المحامي.
رداً على ذلك جاء من الشرطة: “الحديث يدور عن تحقيق يجري في هذه الأثناء في الشرطة. وبطبيعة الحال، محظور علينا في هذه المرحلة إعطاء تفاصيل حولها. ورغم ما قيل، نشير إلى أن محكمة الصلح مددت اعتقال المشتبه فيها لسبعة أيام. والمحكمة المركزية أطلقت سراحها. والمحكمة العليا رفضت مناقشة قضيتها. شرطة إسرائيل ستعمل ضد أي حالة عنف بصورة حازمة مع استخدام مجمل الأدوات التي بحوزتها بهدف الوصول إلى الحقيقة وإنفاذ القانون على المتورطين”.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.