نشر موقع “بروكينغز” مقالة للخبير في مجال الاستخبارات بروس ريدل تحت عنوان “مؤامرة تل أبيب” أشار فيها إلى خطط لتنظيم القاعدة ضرب مراقص ليلية في تل أبيب في مرحلة ما بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
وتوصل المحققون حسب وثائق جديدة رفعت عنها السرية إلى المؤامرة بدون اللجوء إلى التعذيب وأساليب الإيهام بالغرق، وهو ما يضعف الجدال بأن استخدام هذه الأساليب كان ضروريا للحصول على معلومات ممن يشتبه بتورطهم في الإرهاب.
وقال ريدل إن المعلومات التي تم رفع السرية عنها جاءت نتيجة لأول تحقيق مع شخص يفترض أنه من تنظيم القاعدة واعتقل بعد هجمات 9/11 وتقدم رؤية جديدة عن تفكير وخطط زعيم القاعدة أسامة بن لادن الذي كان يخطط لعملية ثانية على قاعدة مثل هجمات 9/11 في الولايات المتحدة. ويرى الكاتب أن خطط بن لادن تتناسب مع اهتمامه الكبير بالنزاع العربي- الإسرائيلي ودعم الولايات المتحدة لإسرائيل. وتم إحباط الهجوم في اللحظة الأخيرة. وتساءل ريدل عن سبب ظهور هذه المعلومات بعد 20 عاما. وقال إن مصدر المعلومات كان زين العابدين محمد حسين المعروف بأبي زبيدة والذي اعتقل في آذار/مارس 2002 في باكستان. وهو فلسطيني ولد في السعودية ويعتقد أنه لعب دورا في تحضير وثائق السفر اللازمة لعدد من ناشطي القاعدة. ولم يكن من الناحية الفنية جزءا من فريق التنفيذ لكنه كان مطلعا على معظم المعلومات المتعلقة بالتخطيط. وفي الدقيقة الأولى من التحقيق بعد اعتقاله، انفجر أبو زبيدة قائلا إنه كان يعمل على خطة لتنفيذ هجمات لاحقة تستهدف مراقص ليلية في إسرائيل والتسبب بقتل المئات. وكان أمرا جديدا للمجتمع الاستخباراتي الأمريكي.
وكان المحقق هو عميل مكتب التحقيقات الفدرالي علي صوفان، وهو لبناني- أمريكي يتحدث العربية بطلاقة. وكتب عن التحقيق في كتابه “الرايات السود: كيف أحبط التعذيب الحرب على الإرهاب فيما بعد 9/11”. ويعتقد صوفان أن أبو زبيدة كان لديه انطباع خاطئ وهو أن صوفان عميل للموساد الإسرائيلي، لتحدثه بالعربية. وتم حذف اسم البلد المستهدف في الكتاب بناء على مراجعة الأمن القومي التي تسبق عملية النشر. وتم تعريفه بأنه “بلد حليف قوي للولايات المتحدة”. ومن الواضح الآن أن البلد المعني هو إسرائيل. وبحسب أبو زبيدة فقد كانت الخطة هي مشروع بن لادن الشخصي وكان مهتما به. وبدأ قبل هجمات 9/11 بعد تلقي القاعدة تبرعا بـ 100.000 من مصدر سعودي ووعد بالحصول على مبالغ أخرى حالة نجاح المؤامرة الأولى. ولا يعرف صوفان الكثير عن المال، لكن التخطيط استمر حتى بعد اعتقال مسؤول كبير فيها فر بعد الهجمات من أفغانستان إلى إيران. وكان من سينفذ العمليات الانتحارية فلسطينيون والهجوم محتوما.
وفي آذار/مارس 2002 كانت إسرائيل وسط انتفاضة ثانية. وفي الشهر 27 نفذت حركة حماس هجوما انتحاريا في نتانيا قتل فيه 30 شخصا. ولو نفذت القاعدة عدة هجمات لكان الوضع أخطر. وتم إخبار الإسرائيليين الذين قاموا باعتقال المشاركين في المؤامرة قبل تنفيذها.
وربما كان لدى أبو زبيدة انطباع أن المؤامرة اكتشفت وأن المتورطين فيها كشفوا عن اسمه ووصل إلى سي آي إيه. ويقول ريدل إن المؤامرة تم التعتيم عليها لأنها أظهرت أن أف بي أي استطاع الحصول على معلومات من أبو زبيدة بدون اللجوء إلى التعذيب أو تعريضه لأسلوب الإيهام بالغرق. وكان هذا سيقوض وجهة نظر نائب الرئيس ديك تشيني الذي كان يرى أن التعذيب ضروري لاستخراج معلومات. وكان التستر من أجل تبرير استخدام التعذيب. وكان لدى الإسرائيليين اهتمام من ناحية الإبقاء على سرية المعلومات لأنهم لم يكونوا راغبين بالكشف عن العلاقة بين القاعدة والنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. وفي الحقيقة ظل النزاع الفلسطيني والدعم الأمريكي لإسرائيل القوة الدافعة لقيادة القاعدة. وحدد هذا الاهتمام أيمن الظواهري، نائب وخليفة بن لادن، قبل وبعد هجمات 9/11، كما أوضح الكاتب في كتابه “البحث عن القاعدة”.
وفي الحقيقة كان بن لادن يريد أن تنفذ الهجمات في حزيران/يونيو 2001 وأثناء زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون البيت الأبيض للتأكيد على الرابطة الإسرائيلية. ولم يكن المنفذون جاهزين حيث تم تحديد الموعد في أيلول/سبتمبر. وظلت المعلومات عن مؤامرة تل أبيب سرية حتى تم الكشف عنها بقرار من محكمة في نيويورك، وتحدث صوفان عنها إلى صحف إسرائيلية. وربما كان التحول من الرئيس دونالد ترامب المؤيد للتعذيب إلى فريق جوزيف بايدن ومدير مخابراته ويليام بيرز مساعدا في الكشف عن الحقيقة.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.