الرياض: أكد عادل الجبير وزير الشؤون الخارجية السعودي أن العلاقات مع الولايات المتحدة ستستمر دون تغيير في ظل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وستظل ”قوية، وديناميكية، ومتعددة الأوجه“.
وقال الجبير خلال مقابلة حصرية لصحيفة عرب نيوز إن إدارة بايدن أوضحت أنها ملتزمة بالدفاع عن السعودية والسعوديين ضد التهديدات الخارجية، مضيفًا: “لذلك لا أرى تغييرًا كبيرًا بين هذه الإدارة والإدارة السابقة من حيث التزامها تجاه المملكة العربية السعودية“.
وأشار الجبير إلى أن العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية تعود إلى 80 عامًا، وكانت عاملًا مهمًا في الحفاظ على الاستقرار، والأمن العالميين.
وبين الجبير أن العلاقة مع الولايات المتحدة إستراتيجية، مشيرًا: “لدينا مصالح اقتصادية مالية مشتركة، ونعمل على مكافحة التطرف والإرهاب، وتحقيق الاستقرار في المنطقة، سواء أكان ذلك من خلال إحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين أم في لبنان، وسوريا، والعراق، وإيران، وأفغانستان، أو بمحاولة تخفيف حدة التوتر بين الهند، وباكستان، أو استعادة استقرار السودان، أو إنهاء الحرب في ليبيا، أو التعامل مع دول مجموعة الخمس في حربها ضد بوكو حرام“.
وتابع الوزير السعودي: “أعتقد أنهم أوضحوا رغبتهم بعودة إيران إلى الاتفاق النووي، وإبرام اتفاق نووي أقوى وأطول، وذلك بناءً على كلام وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وهذا أمر كنا ندعو إليه منذ ظهور هذه الصفقة“.
وبين الجبير: “نريد إلغاء بند انتهاء الاتفاق حتى لا تتمكن إيران من تخصيب اليورانيوم إلى أجل غير مسمى، ونريد أن تكون لدينا آلية تفتيش أوسع وأعمق للتأكد من أن كل شيء في إيران يمكن تفتيشه إذا كانت هناك حاجة لذلك“.
وأشار الجبير خلال المقابلة إلى أن إيران كانت متورطة في الهجمات الأخيرة على منشآت أرامكو السعودية، وقال: “جميع الصواريخ، والطائرات المسيّرة التي هاجمت السعودية إيرانية الصنع أو وفرتها إيران، والعديد منها تأتي من الشمال، ومن البحر كما قلنا“.
وأكد الجبير أنه على الرغم من“تطبيع“ العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل، فإن موقف المملكة تجاه القضية الفلسطينية لم يتغير، قائلًا: “نريد حل الدولتين على أساس مبادرة السلام العربية، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بحيث تكون هناك دولة فلسطينية تعيش في سلام وأمن، وهذا يظل موقفنا“، موضحًا: “نعتقد أننا كنا عنصرًا حيويًا في إبعاد العالم العربي عن نقاط الرفض الثلاث، والتي أعلنت في الخرطوم العام 1967 والتي قالت: لا للمفاوضات، لا للاعتراف، ولا للسلام، وذلك من خلال طرح خطة الملك فهد الراحل ذات النقاط الـ 8 في القمة العربية في مدينة فاس المغربية في أوائل الثمانينيات، والتي تبناها العرب، وباتت أساس حل الدولتين“.
وبين الجبير أنه لاحقًا في قمة الجامعة العربية في بيروت العام 2002، طرحت الرياض مبادرة السلام العربية التي دعت إلى حل الدولتين، والاعتراف، وتطبيع للعلاقة، وكل ما تنطوي عليه من علاقات حسن جوار، والتي اعتمدها المجتمع الدولي.
وفي إشارة إلى الدول التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، قال الجبير: “هذه قرارات سيادية متروكة لتلك الدول، وما قلناه هو إنه إذا أدى ذلك إلى تغيير في موقف إسرائيل فيما يتعلق بضم الأراضي الفلسطينية، أو إذا أدى إلى تليين موقف إسرائيل فيما يتعلق بالمفاوضات، فقد يكون هناك بعض الفائدة منها، ولكن فيما يتعلق بالمملكة، يبقى موقفنا هو أن التطبيع لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تم التوصل إلى اتفاقية سلام“.
ورأى الجبير أن قرار الولايات المتحدة بحذف الحوثيين من قائمة الإرهاب الدولي في نفس اليوم الذي هاجمت فيه ميليشيات الحوثيين المطار المدني في أبها في المملكة العربية السعودية لن يحدث فرقًا كبيرًا في الجهود الدولية الرامية إلى تقديم المساعدات لليمن، مبينًا: “لقد أوضحنا هذا الأمر لأصدقائنا في أوروبا، وللولايات المتحدة، وكذلك للمبعوث الخاص للأمم المتحدة، فوجود حركة طالبان في أفغانستان على لائحة الإرهاب، لا يمنع وصول المساعدات إلى أفغانستان، وتنظيم داعش في سوريا على قائمة الإرهاب، وهذا لا يمنع المساعدات من الوصول إلى سوريا، وحزب الله على قائمة الإرهاب، وهذا لا يمنع المساعدات من الوصول إلى لبنان، وحركة الشباب على قائمة الإرهاب، وهذا لا يمنع المساعدات من الوصول إلى الصومال، وبوكور حرام على قائمة الإرهاب، وهذا لا يمنع المساعدات من الذهاب إلى دول الساحل الخمس“.
وأكد الجبير أن المشكلة تكمن في الحوثيين، وقال:“إنهم يسرقون المساعدات، ويبيعونها لتمويل حربهم، ويجندون الصبية الصغار في سن 9 و10 و11 عامًا، ويضعونهم في ساحات المعركة، وهو أمر مخالف للقانون الدولي وانتهاك خطير لحقوق الإنسان“، موضحًا:“إنهم يطلقون الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيّرة، بشكل عشوائي ضد المدنيين، سواء في السعودية أو اليمن، حيث سطوا على البنك المركزي، كما رفضوا كل محاولة للتوصل إلى تسوية سلمية أو التعاون مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، لذلك، موقفنا فيما يتعلق بالحوثيين واضح جدًا، وهو أنهم ينتمون إلى قائمة الإرهاب، ولا ينبغي لأحد التعامل معهم“.
وقال الجبير:“نعتقد أن هناك حلًا سياسيًا، ونحن نحاول الوصول إليه منذ بدء الصراع قبل عدة سنوات، فقد دعمنا كل جهد ومبادرة من المبعوثين الخاصين للأمم المتحدة للتوصل إلى حل، وعملنا على توحيد الحكومة اليمنية، وتوحيد الشمال مع المجلس الانتقالي الجنوبي“.
وبين الجبير أن بلاده قدّمت أكثر من 17 مليار دولار من المساعدات الإنسانية، موضحًا أن“الحل الوحيد في اليمن هو الحل السياسي القائم على مبادرة مجلس التعاون الخليجي، ونتائج الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216″، ودافع عن تاريخ المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان، والتي تعرضت للهجوم في بعض أنحاء العالم.
ورأى الجبير أن بلاده خطت خطوات كبيرة في مجال حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أنه ”قبل 50 عامًا، لم تكن لدينا مدارس للإناث، واليوم 55 % من طلبة الجامعات هم من النساء، وقبل 70 عامًا، كان معدل الأمية يصل إلى 90%؛ واليوم يقرأ الجميع ويكتبون، ويذهبون إلى المدارس“، مبينًا:“قبل 70 أو 80 عامًا، كانت معدلات وفيات الرضع مرتفعة جدًا، وتصل إلى حوالي 2 من كل 3 أطفال قبل سن الثانية، واليوم باتت هذه المعدلات مماثلة لمستوى أوروبا، والولايات المتحدة، وتضاعف متوسط العمر المتوقع خلال جيل واحد، فنحن نعتني بشعبنا من خلال توفير الأمن، والرعاية الصحية، والتعليم، والفرص لهم“.
وحول حقوق الإنسان، قال الجبير: “قطعنا أشواطًا كبيرة، من حيث تحرير المرأة، وتمكين الشباب وإصلاح نظامنا القضائي، وانفتاح مجتمعنا، وتمكين الشباب من تحقيق آمالهم وأحلامهم وطموحاتهم، وهذه هي حقوق الإنسان، وهذا هو الجزء المهم“.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.