شرعت السلطات الإسرائيلية، بحملة ضغط بدلوماسية، في محاولة لإحباط أو تعطيل، تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في لاها، في جرائم حرب إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وأجرى كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن والقضاء، بيني غانتس، اتصالات مع حلفاء إسرائيل الأوروبيين، في محاولة لنقل المضامين التي تسعى إسرائيل إلى تمريرها في مواجهة المحكمة.
وأشارت القناة العامة الإسرائيلية (“كان 11”) إلى أن إسرائيل تسعى إلى التركيز على ممارسة ضغوط شديدة على المحكمة وقضاتها ومدعيها العام الجديد، من جهة، ومن جهة أخرى التركيز على الادعاء أن “النظام القضائي الإسرائيلي قائم وقادر على التحقيق في شبهات ارتكاب مخالفات”.
وتعقد وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوم غد، الأحد، جلسة مشاورات لتنسيق الإجراءات الدولية الإسرائيلية في هذا الإطار، بعدما كان غانتس قد أجرى خلال الأيام الماضية جلسة مشاورات مع كبار الخبراء القانونيين الإسرائيليية، بمشاركة المستشار القضائي للحكومة ومدعي النيابة العسكرية.
وفي غضون ذلك، وجهة قادة في معسكر اليمين الإسرائيلي، انتقادات لما وصقوه سياسة بـ”اجلس ولا تفعل” التي ينتهجها نتنياهو في مواجهة المحكمة الدولية، وما اعتبره “إهمال نتنياهو في مواجهة كل الخطوات التي أدت إلى فتح تحقيق رسمي” في جرائم حرب إسرائيلية.
ونقلت القناة الرسمية الإسرائيلية عن “شخصيات يمينية بارزة” وصفهم للتحقيق الدولي بـ”حادث بطيء”، وقالوا إن “سياسة التسويف والمماطلة التي ينتهجها نتنياهو بدلاً من العمل من أول لحظة ضد الفلسطينيين، هي التي أدت إلى هذه الكارثة”.
ولفتت القناة إلى المعضلة التي تواجهها إسرائيل على المستوى القانوني، وقالت إنه “من ناحية، لدى السلطات الإسرائيلية إجابات جيدة في ما يتعلق بالأحداث قيد التحقيق”. مثل جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل خلال العدوان على غزة عام 2014، حيث تم فتح تحقيق إسرائيلي داخلي – ووفقًا لمبادئ القانون الدولي، لا ينبغي التحقيق في الأحداث التي يتم التحقيق فيها داخليا من قبل هيئة دولية.
كما أن الهيئات الإسرائيلية المختلفة أعدت حججا قانونية أخرى في مجال القانون الدولي مثل تتعلق بالاستيطات في إطار مزاعم حول “الحقوق على الأرض والاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين وغيرها”.
غير أنه “من ناحية أخرى، فإن الرد على الرسالة المتوقعة من المدعية العامة في المحكمة حول بدء التحقيق الرسمي، سيعتبر تعاونا مع المحكمة واعترافا بشرعية التحقيق”، على حد تعبير القناة.
وأوضحت أن الخيار الإسرائيلي الذي يتم النظر فيه هو “توضيح الموقف الإسرائيلي ونقله بشكل غير مباشر، مثل دفع حلفاء إسرائيل الغربيين على التحدث غير الرسمي باسمها ونقل موقفها، أو الاستيعانة بالمنظمات الخاصة”، وسيتعين على القيادة السياسية الإسرائيلية أن تحسم هذه المسألة خلال الأيام القريبة المقبلة.
وكان غانتس الذي يشغل منصب وزير القضاء الإسرائيلي، قد عقد جلسة، مساء الخميس، مشاورات بحضور المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، ومدعي النيابة العسكرية، شارون آفيك، بمشاركة مسؤولين آخرين.
وبحسب “كان 11” فإن إسرائيل ستمتنع كليا عن التعاون مع إجراءات التحقيق، في المقابل، ستسارع إلى الرد على الإخطار المرتقب من مكتب المدعية العام للجنائية الدولية، فاتو بنسودا، بالادعاء أن “المحكمة لا تملك صلاحية للنظر في القضية، لأن فلسطين ليست دولة”، بالإضافة إلى الادعاء أن بعض جرائم الحرب الإسرائيلية التي ستكون مادة للتحقيق، “خضعت بالفعل لتحقيق داخلي أمام الهيئات القضائية الإسرائيلية”.
ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن التعاون مع المحكمة والسماح لممثليها بدخول البلاد لإجراء التحقيق، سيقيدها لاحقا ويمنعها من إمكانية التنصل من نتائج التحقيق؛ كما أن الحكومة الإسرائيلية تلقت نصائح من حلفائها بعدم التعاون مطلقا مع المحكمة، لإتاحة المجال أمام هذه الدول للعمل على ممارسة الضغوط الممكنة في محاولة لإلغاء التحقيق.
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن المدعي العام الجديد الذي انتخب للسنوات التسع المقبلة، البريطاني كريم خان، الذي من المفترض أن يحل محل المدعية العامة في المحكمة، فاتو بنسودا، في حزيران/ يونيو المقبل، سيوكل بالنظر في الرد الإسرائيلي، وبالتالي قد يقرر، على عكس بنسودا، قبول الحجج الإسرائيلية.
وشددت القناة العامة الإسرائيلية على أن إسرائيل ستحاول طلب مساعدة الدول الأعضاء للضغط على المحكمة لتغيير القرار وإلغائه. وخلص المختصون القانونيون الذين شاركوا في جلسة المشاورات التي عقدها غانتس، إلى أنه “لن يتم إصدار مذكرات اعتقال (ضد مسؤولين إسرائيليين) خلال الفترة القريبة المقبلة”.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.