كشفت تقارير صحافية أن الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، قرر إقالة رئيس المكتبة الوطنية الفلسطينية، إيهاب بسيسو، من منصبه، على خلفية منشور له على “فيسبوك” يدين فيه اغتيال الناشط نزار بنات، وعقّب من خلاله على التظاهرات الأخيرة التي خرجت احتجاجًا على مقتل المعارض السياسي، بعد اعتقاله، على يد عناصر أمنية.
وأشارت بعض التقارير إلى أن قرار الإقالة وصل بالفعل لديوان الفتوى والتشريع لنشره في الجريدة الرسمية “الوقائع”؛ مؤكدة أن قيادة السلطة الفلسطينية طلبت من جميع المسؤولين، عدم التعبير عن إداناتهم لما حدث مع بنات أو قمع المظاهرات في رام الله.
في المقابل، نقل موقع صحيفة “العربي الجديد” عن مصادر خاصة، قولها إن الرئيس عبّاس أقال بالفعل، الخميس، رئيس مجلس إدارة المكتبة الوطنية العامة، بسيسو، من منصبه. وأكدت المصادر، التي اشترطت عدم كشف هويتها، أن “قرار إقالة بسيسو يأتي على خلفية نشره تدوينة عن المتظاهرين الفلسطينيين الذين خرجوا يوم الأحد الماضي، احتجاجًا على مقتل بنات”.
وكان بسيسو قد كتب في 24 حزيران/ يونيو على صفحته في “فيسبوك” واصفًا صوت نزار بنات بأنه صار “شعاعًا مثل شعاع الليزر”، واعتبر أن “لا شيء يبرر اقتراف الجريمة، قتل الإنسان جريمة مهما بدت الصورة ضبابية وملتبسة ومنفعلة وعلينا أن ننحاز دومًا للإنسان ضد مختلف أشكال الفولاذ القاتل”.
وأضاف أن “الاختلاف في الرأي مساحة للتفاعل وللنقاش وللحرية وللغضب وللتفكير وللتطوير وللتصويب وللتأكيد على أن هذه المساحة هي الوطن النقي فينا والموازي للجغرافيا والتاريخ والمستقبل”. واعتبر أن “الاختلاف في الرأي ليس وباء أو مناسبة طارئة أو مبررًا لاستباحة الدم والتحريض والاندفاع في متاهة الفوضى والتشنج السياسي”.
وفي 28 حزيران/ يونيو، كتب بسيسو على صفحته بموقع “فيسبوك” تدوينة مرفوقة بفيديو وصور للمحتجين، جاء فيها: “لؤي المنسي يرمم المشهد يوم أمس على طريقته الخاصة، يندفع كرمح ليصون المظاهرة من المظاهرة كي يتيح المجال لأنفاسنا أن تهدأ ولو قليلاً ونحن نرى انهيار الصورة من صورتنا الكبيرة”.
وتابع “لؤي المنسي، الأسير المحرر، ابن حركة فتح وعضو إقليم الحركة في محافظة رام الله والبيرة يخرج من هذا الحزن الذي يجتاحنا كي يُطمئن الكثيرين بكل إصرار وعفوية إلى هذا التوازن الضروري في الصورة والذي يشكل حالة وطنية فطرية في مهب الفوضى”.
وحتى هذه الأثناء، لم يصدر عن بسيسو أي تعليق حول صحة هذه الأنباء بالنفي أو التأكيد، كما لم يتم الإعلان عن القرار رسميًا، فيما يتم تناقله في كواليس الرئاسة الفلسطينية.
يذكر أن بسيسو، وهو أكاديمي وإعلامي، وكان قد شغل منصب المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية السابقة التي ترأسها رامي الحمد الله، ثم عين وزيرًا للثقافة بالحكومة نفسها. وبعد استقالتها قبل أكثر من عامين، عُين بسيسو بمرسوم رئاسي على رأس مجلس إدارة المكتبة الوطنية العامة.
وعلى صلة، حثت الأمم المتحدة، الخميس، السلطة الفلسطينية، على ضمان سلامة وأمن المتظاهرين الفلسطينيين، مشيرة إلى أنها رصدت “استخداما للقوة” ضد محتجين خرجوا احتجاجا على وفاة المعارض بنات عقب اعتقاله.
جاء ذلك في بيان صادر عن مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، نشر على موقع المفوضية الإلكتروني قبيل مظاهرات مزمع إجراؤها السبت القادم. وأشار البيان، إلى “استخدام قوات الأمن الفلسطينية نهاية الأسبوع الماضي القوة ضد متظاهرين سلميين بما في ذلك ضربهم بالهراوات وإطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية”.
وقال إن “حكومة دولة فلسطين ملزمة بضمان حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، وعلى قوات الأمن الفلسطينية أن تعمل على توفير السلامة والأمن لممارسة حقوق الإنسان بما في ذلك التجمع السلمي”.
ودعا البيان، إلى “إجراء تحقيق فوري وشفاف ومستقل في أي استخدام غير ضروري أو غير متناسب للقوة”. وأعربت باشيليت، وفق البيان، عن “قلقها إزاء وجود أعداد كبيرة من الأشخاص غير النظاميين الذين يتصرفون -على ما يبدو- بطريقة منظمة ومنسقة مع قوات الأمن الفلسطينية”.
وقالت إنها “تلقت تقارير موثوقة عن استهداف محدد للنساء الحاضرات في المظاهرات، أو ممن يكتبن لوسائل الإعلام أو مجرد متفرجات بما في ذلك التحرش الجنسي ومصادرة هواتفهن المحمولة أو سرقتها، والتهديد بالقتل”.
وشهدت الضفة الغربية احتجاجات، كانت أعنفها بمدينة رام الله، في الأيام التالية لإعلان وفاة الناشط والمعارض الفلسطيني نزار بنات (44 عاما)، في حين دعا ناشطون وقوى سياسية ومنظمات أهلية إلى التظاهر في مدينة رام الله السبت القادم.
هذا وقدم وفد دبلوماسي أوروبي، الخميس، التعازي لعائلة الناشط والمعارض الفلسطيني نزار بنات، الذي توفي بعد اعتقاله من قبل قوة أمنية فلسطينية، مطالبا بإجراء بتحقيق “مستقل” في وفاته.
وقال بيان صادر عن بعثة الاتحاد الأوروبي في فلسطين: “قدم اليوم دبلوماسيون أوروبيون من بلجيكا وإيطاليا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج وسويسرا تعازيهم لأسرة نزار بنات في منزلهم في (بلدة) دورا –الخليل”.
وأضاف أن الوفد التقى “السيدة جيهان أرملة نزار وأطفالهما الخمسة الصغار، بالإضافة إلى والده ووالدته وشقيقه”. ووفق البيان، “أعرب ممثل الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين سفين كون فون بورغسدورف نيابة عن الدبلوماسيين الزائرين عن حزنه العميق وقلقه الشديد إزاء هذه الجريمة النكراء”.
وأردف البيان أن الاتحاد الأوروبي “يجدد دعوته إلى تحقيق مستقل وشفاف يقدم الجناة إلى العدالة”. وتابع أن “العنف بجميع أشكاله الموجه ضد المعارضين السياسيين السلميين ونشطاء المجتمع المدني والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان أمر غير مقبول ولا يمكن التسامح معه”.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.