معاريف – بقلم: نداف تمير “مخيب للآمال قول وزير الخارجية يئير لبيد بأنه لا يمكن خوض مسيرة سياسية في ظل الحكومة الحالية، على الرغم من وصفه لها بأنها مسيرة ستبعد إسرائيل عن وصفها بدولة أبرتهايد لدى الأسرة الدولية. وهو مخيب للآمال لأنه ليس سوى المسيرة السياسية التي تمنع عن إسرائيل أن تتحول إلى دولة أبرتهايد في وضعية ثنائية القومية، نسير نحوها يومياً ولا نتقدم نحو حل الدولتين، وثمة جملة من الاستطلاعات تشهد أن أغلبية الجمهور تؤيد هذا الحل أكثر من أي حل آخر. وفي استطلاع مبادرة جنيف الذي أجري مؤخراً، يتبين أن أغلبية الجمهور تؤيد المفاوضات السياسية مع القيادة الفلسطينية.
أما يزال السم الذي خلفته حكومة نتنياهو يؤثر على سياسة الرجل الأقوى في حكومة التغيير؟ لقد سبق للبيد أن أثبت بأنه ليس مكبلاً بالضرورة بسياسة نتنياهو الضارة. فقد تمكن من ترميم العلاقات مع الأردن، واستأنف العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، رغم انتقادهم للاحتلال وللاستيطان، وطبع العلاقات مع السويد رغم اعترافها بالدولة الفلسطينية، وعمل على ترميم علاقات إسرائيل مع الحزب الديمقراطي والجالية اليهودية في الولايات المتحدة بعد أن هجرها نتنياهو لصالح الحلف مع الشعبويين والإفنجيليين المسيحانيين. بل وقال لبيد مؤخراً إن إسرائيل لا تعارض اتفاق القوى العظمى مع إيران بعد أن قاتل نتنياهو ضد كل اتفاق، وهكذا قرب إيران من قدرة نووية عسكرية.
يدرك لبيد أننا نضعف الفلسطينيين المعتدلين ونعزز قوة حماس، بدون أفق سياسي. ويدرك أنه بلا أفق سياسي سيكون من الصعب رؤية السلطة الفلسطينية تواصل التعاون الأمني مع قواتنا. وهو لا بد سمع في لقاءاته أثناء زيارة أبو ظبي والبحرين بأن انعدام الأفق السياسي سيصعّب علينا توسيع التطبيع، ويدرك تماماً بأن غياب الأفق السياسي يهدد قدرة إسرائيل على البقاء على رؤيتها الصهيونية كدولة قومية ديمقراطية للشعب اليهودي.
إن تقليص النزاع من مدرسة ميخا غودمان أمر مهم لتسهيل حياة جيراننا الفلسطينيين، ولكنه ليس بديلاً عن العمل بحزم لإنهاء الاحتلال الذي يهدد مستقبلنا استراتيجياً وأخلاقياً على حد سواء. قد يكون تقليص النزاع علاج تخدير للمسيرة السياسية، الذي ضرره أكبر بكثير من نفعه. لقاء وزير الدفاع غانتس مع أبو مازن مهم، ولكنه لا يحل محل مسيرة سياسية ذات مغزى.
أدرك مدى أهمية الحفاظ على حكومة التغيير ومنع عودة حلف البيبيين، لكن التغيير المنعش الذي جلبته حكومة التغيير لن يذكر في صفحات التاريخ إذا لم تعمل بكل قوتها كي تنقذ إسرائيل من التهديد الأكثر مركزية على مستقبل الحلم الصهيوني. لبيد، الذي أثبت قدرات سياسية مبهرة في إقامة هذه الحكومة؛ الذي أثبت أنه يمكن الجلوس مع حزب عربي والحصول على توافقات بين الخصوم الأيديولوجيين؛ ملزم بأن يقدم الحكمة ذاتها من خلال عرض أفق سياسي. الأفق السياسي هو الأفق الصهيوني.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.