المكتب الوطني: تكثيف الاستيطان جوهر برنامج الحكومة الإسرائيلية
قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، السبت، إن جوهر برنامج الحكومة الاسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو هو تكثيف الاستيطان ومحاصرة الفلسطينيين في معازل.
وأضاف المكتب الوطني في تقريره الأسبوعي، أن هذه الحكومة التي تعتبر الأكثر تطرفا في تاريخ اسرائيل على الإطلاق بالشراكة مع اليمين الفاشي المتطرف والحريديين، استهلت برنامجها الذي قدمته للكنيست بفقرة تؤكد أن “للشعب اليهودي الحق الحصري غير القابل للنقض على كامل أرض إسرائيل” ما يعني بوضوح ان هذا البرنامج يقوم على استباحة حقوق الفلسطينيين ومحاصرتهم من خلال الاستيطان في معازل.
وكشفت مصادر عبرية أن بنودًا جديدة ظهرت في الاتفاق الائتلافي بين حزب الليكود وحزب الصهيونية الدينية تتعلق بتوسيع الاستيطان داخل البلدة القديمة في الخليل كما في مستوطنة “كريات أربع”، وربط المستوطنات في الخليل بشوارع إضافية مع القدس وبئر السبع وعسقلان، إضافة إلى بنود أخرى في الاتفاق تشمل توسيع الاستيطان في الضفة الغربية ككل، إلى جانب دعم حزب الليكود وحزب الصهيونية الدينية تمرير قانون جديد يقضي بإبعاد الأسرى من أبناء القدس وفلسطينيي الداخل إلى الضفة الغربية بعد انتهاء محكوميتهم على خلفية نشاطاتهم في مقاومة الاحتلال.
وقانون إبعاد الأسرى يضاف إلى قانون آخر تم الاتفاق على الترويج له ودعمه من الليكود وحزب القوة اليهودية بقيادة ايتمار بن غفير، وهو قانون إعدام منفذي العمليات الفلسطينيين.
واستبقت هذه الحكومة تلك الاتفاقيات والتفاهمات بالتطبيق الفعلي على الأرض من خلال تكريس الاستيطان، حيث شرع مستوطنون بتسييج أراض مملوكة للمواطنين بـ”الطابو” إلى الشمال من “خربة سمرة” تمهيدا للاستيلاء عليها، وهو ما يعني أنها تحولت من أراض يملكها فلسطينيون إلى “بؤرة استيطانية” أو مشروع مستوطنة إسرائيلية، كما قام مستوطنون آخرون بتسييج أرض رعوية قرب مستوطنة “شيدموت ميخولا” شرق خربة الفارسية في الأغوار في منطقة كان جزء منها مغلقا بأوامر عسكرية في سنوات سابقة.
وفي ذات السياق، كشفت منظمتان حقوقيتان إسرائيليتان عن إنشاء بؤرة استيطانية زراعية جديدة في منطقة الحديدية في الأغوار قرب أريحا لمنع الرعاة الفلسطينيين من رعي ماشيتهم في المنطقة.
وجاء في بيان نشرته منظمة “نشطاء غور الأردن” ومنظمة “محسوم ووتش” أن البؤرة الاستيطانية الجديدة أقيمت بالقرب من طريق 5787 قريبًا من منطقة الخدادية وتلال العرقوب وزهرة الميدان وقرية مرج النعجة، حيث تم بناء مبنيين ومظلة ووحدة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.
وقالت المنظمتان إن نشطاءهما رصدوا مستوطنًا في البؤرة وثلاث سيارات ومقطورة بها خزان مياه كبير موصول بأنبوب مياه مصدره كيبوتس “حميدت” وبحسب المنظمتين فقد تم مد خط الأنابيب في الأسبوعين الماضيين حتى قبل إنشاء البؤرة الاستيطانية الزراعية نفسها.
وجديد هذه الحكومة في تسويق برنامجها الاستيطاني أن رئيس كتلة “يهدوت هتوراة” ووزير البناء والإسكان الإسرائيلي الجديد، يتسحاق غودكنوبف، اعتبر أن جزءا من حل مشكلة السكن في إسرائيل موجود في الضفة الغربية المحتلة وذلك خلال مراسم تغيير الوزير مع سلفه في المنصب، زئيف إلكين، مبينا ان ذلك من شأنه مساعدة اشقائه المستوطنين في يهودا والسامرة، فقد جاء حسب زعمه الى الوزارة لخدمة مواطني إسرائيل ودفع قيم المساواة واستيطان البلاد.
أما وزير السياحة الجديد، حاييم كاتس فقد اعتبر في مراسم مشابهة مع وزير السياحة السابق، يوئيل رزفوزوف، أن “على أي عائلة إسرائيلية أن تتمتع بجمال البلاد وفقا لقدرتها الاقتصادية الخاصة واعدا بالاستيطان في مناطق جديدة، مثل توسكانا المحلية في يهودا والسامرة على حد زعمه.
وكانت منظمة “السلام الآن” اليسارية الإسرائيلية قد حذرت من أن الاتفاق بين نتنياهو وحزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف برئاسة بتسلئيل سموتريتش سيؤدي إلى تشريع الحكومة الإسرائيلية لعشرات البؤر الاستيطانية غير المرخصة التي تم بناؤها في انتهاك للقانون الدولي وحتى القانون الإسرائيلي وعلى الأراضي التي استولى عليها المستوطنون بكل ما يتطلبه ذلك من ميزانيات لتعزيز بناء المستوطنات بشكل كبير، ما يسمح باتخاذ إجراءات مثل إنشاء المزيد من البؤر الاستيطانية الجديدة في مناطق استراتيجية لتعزيز سيطرة المستوطنين على أكبر قدر ممكن من الأراضي، ما قد يعني خطوة ضم كبيرة في المنطقة (ج) بالضفة الغربية.
وفي المقابل، تنطوي هذه الخطوة على اخطار كبيرة بالنسبة للفلسطينيين من خلال زيادة معدل هدم المنازل والتطبيق الصارم ضدهم لتقليص وجودهم في هذه المنطقة خاصة وأن هناك الكثير من التفاصيل التي لم يكشف النقاب عنها بشأن الصلاحيات الممنوحة لوزير “الصهيونية الدينية” في وزارة الجيش، والذي سيكون مسؤولًا عن “المستوطنات اليهودية والأراضي المفتوحة”.
كما تتجه الحكومة الإسرائيلية الجديدة للشروع في عدد من الخطوات الأولية عبر مناقشة وشرعنة رزمة من القوانين التي تتعلق بـ”قانون فك الارتباط”، والاستيطان وتبييض عشرات البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، وتشريع قانون أساس تعليم التوراة.
ويتوقع أن تناقش حكومة نتنياهو تعديل “قانون فك الارتباط”، وهو مشروع قانون الذي يسمح للإسرائيليين بدخول مناطق المستوطنات التي أخليت خلال “فك الارتباط” عام 2005، والعودة للاستيطان بهذه المستوطنات، خاصة في مناطق شمالي الضفة، وذلك لضمان عودة المستوطنين إلى مستوطنة “حوميش” وغيرها من المستوطنات في محافظة جنين.
وفي تواصل مع سياسة الحكومة المنصرفة، أعلنت وزارة الداخلية الإسرائيلية عن دعم مستوطنات الضفة الغربية بعشرات الملايين من الشواقل وبنت ذلك على ما قررته وزيرة الداخلية السابقة قبل تركها مهام منصبها لصالح الوزير الجديد آريه درعي مكافأة لبعض المستوطنات في الضفة التي صوتت بكثافة لليمين الفاشي في انتخابات الكنيست الأخيرة وتصل قيمة هذا الدعم الى 55 مليون شيقل.
وتشمل ميزانية المستوطنات الإضافية دعمًا لإنشاء مبانٍ جامعية ومقاهٍ ومطاعم وبنية تحتية لخدمة الهاتف النقال في مستوطنات “إفرات” و”معاليه أدوميم” و”أرائيل” و”بنيامين”، كما تشمل دعماً للمكونات الأمنية في المستوطنات سعياً للتأقلم مع موجة المقاومة الشعبية للفلسطينيين، كما شملت خطة الدعم أيضًا مناطق الجليل والنقب لتهويدها بمبالغ تصل نحو 300 مليون شيقل.
وتتحضر الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى إخلاء وتهجير سكان 8 قرى من مسافر يطا في محافظة الخليل وذلك من أصل 28 تجمعا سكنيا في المسافر تنفيذا لعملية تهجير جماعية بحق سكان منطقة المسافر خلال الفترة المقبلة.
وتدعي سلطات الاحتلال انها بذلك تريد تنفيذ قرار المحكمة الإسرائيلية بإخلاء القرى الثماني التي تشمل 8 تجمعات صدر بحقها قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بـالتهجير القسري والترحيل من أراضيهم بعد ان صادقت تلك المحكمة لسلطات الاحتلال في الخامس من أيار 2022 على طرد سكان 8 قرى من منازلهم بحجة تواجدهم في منطقة تدريبات عسكرية.
وكان جيش الاحتلال قد تقدم قبل 23 عاما بقضية لإخلاء وتهجير السكان الفلسطينيين من 12 بلدة في مسافر يطا، وذلك بزعم أنها مناطق “تدريب وإطلاق نار”، مدعيًا أن المنطقة كانت غير مأهولة قبل 1980 وهو ما ينفيه الفلسطينيون القاطنون في المنطقة منذ عشرات السنين.
ويقطن 1800 فلسطيني في 28 تجمعا سكنيا في مسافر يطا، على مساحة تزيد عن 30 ألف دونم، ويعيش الفلسطينيون في مسافر يطا واقعا صعبا فإلى جانب حرمانهم من أبسط مقومات الحياة، يحاول جيش الاحتلال ومستوطنوه اجتثاثهم من أراضيهم وتهجيرهم، وتزعم سلطات الاحتلال أن الفلسطينيين اقتحموا منطقة تدريبات عسكرية بالنيران الحية، وتسمى “منطقة 918” التي تم الإعلان عنها مطلع الثمانينيات القرن الماضي، مدعية أنهم كانوا سابقا يقيمون في المنطقة بشكل موسمي.
على صعيد آخر، ما زالت القدس تتعرض لضغط المشاريع الاستيطانية والتهويدية والسطو اللصوصي على اراضي المواطنين، ففي سياق مخططات تهويد المدينة المتواصلة استولت جمعية استيطانية إسرائيلية على أرض الحمراء البالغة مساحتها 5 دونمات في بلدة سلوان في القدس الشرقية المحتلة، واعلنت بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية إدانتها قيام مجموعة صهيونية متطرفة باقتحام أرضها في وادي حلوة بسلوان جنوب البلدة القديمة في القدس دون اي وجه حق أو قرار قضائي يسمح لها باقتحام الأرض واستهجنت البطريركية عملية الاقتحام التي تمت بحماية قوات شرطة وحرس حدود إسرائيلية.
وقطعة الأرض هذه، والمعروفة بـ “أرض الحمراء” تبلغ مساحتها خمسة دونمات، وقد أجّرتها بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية منذ أوائل القرن الماضي الى عائلة سمرين التي ما زالت تزرع هذه الأرض إلى الان، وتملك العائلة عقد مزارعة وحق الحراسة والمنفعة منذ أكثر من سبعين عاماً.
كما أعلنت سلطات الاحتلال عن إطلاق تسويق عين سلوان في بلدة سلوان كأثر يهودي، وجاء ذلك في بيان نشرته سلطة الآثار الإسرائيلية وسلطة الحدائق الوطنية ومؤسسة “مدينة داوود” اعلنت فيه عن استكمال أعمال التنقيب في بركة (سلوان) التاريخية في القدس حيث اعتبرت أن العين موقع أثري وتاريخي ذو أهمية وطنية.
وقدمت سرداً مشوهاً للمنطقة من المتوقع أن تنقله للسياح الذين سيزورون العين بعد إعادة افتتاحها رسمياً، وسيتمكن الزوار في المرحلة الاولى من مراقبة الحفريات الأثرية، وفي الأشهر المقبلة سيتم فتح البركة أمام السياح”، وتعتبر “عين سلوان” من أشهر عيون مدينة القدس وتبعد حوالى 300 متر عن الزاوية الجنوبية الشرقية لسور المسجد الأقصى.
وفي إطار سرقة ما تبقى من الأراضي الخاصة والوقفية في القدس تعمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوتيرة متسارعة على تهويد مساحات واسعة من أراضي المدينة وتحديدًا في محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك، عن طريق تسجيل ملكيتها باسم عائلات يهودية وجمعيات استيطانية، بهدف الاستيلاء على ما تبقى من أملاك فلسطينية في المدينة.
وبدأت وزارة “القضاء” الإسرائيلية بتسجيل ملكية أراضٍ واسعة تابعة للأوقاف الإسلامية وأخرى لفلسطينيين فيما يسمى بـ “الحديقة الأثرية” جنوب المسجد الأقصى، ضمن مشروع “تسجيل وتسوية الأراضي” في المدينة المحتلة.
وفي نيسان من العام الماضي، أدى تطبيق المشروع على حي الشيخ جراح إلى تسجيل قسم من الأراضي في الجزء الشرقي والغربي منه لصالح يهود ادعوا ملكيتها قبل عام 1948 دون أي إثبات أو وثائق، رُغم أن الأهالي قدموا كواشين طابو تركي، إلا أن محكمة الاحتلال رفضت النظر فيها، وتدعي سلطات الاحتلال أن معظم القسائم التي بدأت فيها إجراءات تسجيل الأراضي هي “ملكية يهود” أو ملكية “القيّم على أملاك الغائبين”، وفي بعضها يقوم “القيم الإسرائيلي” بالدفع قدمًا لبناء أحياء للمستوطنين.
وكانت حكومة الاحتلال قد رصدت في عام 2018، ميزانية بقيمة 16 مليون دولار، لتنفيذ خطة للاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي وضمها للمستوطنات، وتكريس قسم كبير منها لصالح الجمعيات الاستيطانية، ووفق المشروع الإسرائيلي سيتم تسجيل ووضع اليد على 50% من أراضي جنوب الأقصى البالغ مساحتها نحو 5 آلاف دونم، وتحويلها لصالح يهود وجمعيات استيطانية، وأيضًا استكمال تسوية أوضاع ما تبقى من أراضٍ مقدسية حتى نهاية عام 2025.
Comments are closed.